Mohamed Alfares2020-08-262020-08-26şubat 2020978-625-7033-54-1https://hdl.handle.net/20.500.12514/2287إذا ما رجعنا إلى تاريخ العرب قبل ظهور الاسلام ، وتأملنا حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والفكرية فإننا نجدهم كانوا يعيشون حياة بسيطة خالية من التعقيد، وكانت ثقافتهم بسيطة فليس لهم من العلم المنظم إلا الحظ القليل. وكانت المعتقدات الدينية التي يدين بها العرب في جاهليتهم أيضاً بسيطة هي الأخرى، لا تحمل على التفكير ولا تدفع إلى التفلسف. فقد نسوا دينهم القديم –دين ابراهيم عليه السلام الحنيف- ولجأوا إلى عبادة الأصنام لُتقربهم إلى الله كما كانوا يعتقدون، ولم ترُدّهم عن عبادة الأصنام لا المسيحية ولا اليهودية اللتان جاءتا في الجزيرة العربية قبل الاسلام. أما بالنسبة للتفكير الفلسفي بالذات فإننا لا نجد للعرب في جاهليتهم نظاما فكرياً متكاملاً يمكن أن نسميه (فلسفة) بالمعنى الصحيح. فكل ما كان لهم في مجال الفكر واشتهروا به في جوانب الأدب هو: الشعر والنوادر والحكايات والقصص مما يحض على الكرم والشجاعة والخصال الحميدة، ومن الآراء الخاصة بالحياة عن طريق الخبرة. وبالرغم من كل ما وصلنا من الآثار الحكمية التي وردت في الأدب العربي الجاهلي فإننا لا نستطيع اعتبارها فلسفة بالمعنى الاصطلاحي. والحق الذي لاشك فيه أن التفكير الفلسفي الصحيح لم يبدأ إلا بعد ظهور الاسلام واتساع ثقافتهم واحتكاكهم بثقافات أخرى ، وبروز قضايا سياسية وفكرية تحتم عليهم التفكير الفلسفي. والفلسفة كما يقول د. جميل صليبا ظاهرة من ظواهر الحضارة لا تزدهر في المجتمع الا بعد بلوغه درجة معينة من التقدم الثقافي . فالإسلام هو الدافع للتفكير الفلسفي عند العرب، حينما انبثق نوره وصدع محمد عليه الصلاة والسلام بدعوته إلى الايمان بالله الواحد وملائكته وكتبه ورسله وقضاءه وقدره وجزاءه العادل في الدار الآخرة. وكان الأصل لهذه الدعوة القرآن الكريم الذي نزل منجماً على مدى ثلاث وعشرين سنة أعظم حدث في تاريخ البشرية. ولم يكن كتاب مواعظ أو تاريخ وحكايات ، وإنما وضع الخطوط الرئيسية الأولى للوجود ، فقد" أعلن وحدة الله وفاعليته، وأعلن فكرة الخلق من العدم ، وأنكر قدم المادة وأعلن حدوثها وحدوث العالم بأسره، وأكد كرامة الانسان وقوة عقله وسلطانه على جميع الموجودات، واعتبره مسؤولاً عن كل فعل من أفعاله (من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) الزلزلة آية 7 ، فوضع المسؤولية الفردية سمة الحياة الحديثة ، وأنكر صلب المسيح كفداء للمجموع، وأنه لا يفدي الانسان إلا عملُه، وترك الانسان بين الخير والشر يتردد بينهما، واكتساب أحدهما مرهون بيد الانسان ، والله بكليهما عالم بعلمه القديم الذي لا يُحد، ووضع الثواب والعقاب في عالم آخر غيبه عنا". ففي ظله نشأت العلوم الاسلامية المختلفة ومن أجله قامت هذه العلوم، وكانت علوم القرآن أول تلك العلوم الاسلامية تأليفاً في الاسلام، وكان المحور الذي قامت حوله الفرق الاسلامية المختلفة. ثم انتشر الاسلام بفضل المسلمين الأوائل وعم بقاع واسعة ممتدة من الأرض فدخل فيه من اليهود والنصارى والمجوس وغير العرب؛ فنشأت نتيجة تلك الفتوحات واختلاط العرب بغيرهم من الأمم موضوعات فكرية جديدة فرضت نفسها بقوة، فشمر لها علماء اجتهدوا لفهمها والرد عليها أصاب بعضها في مجادلاته وابتعد البعض عن الحق فنشأت فرق اجتهادية وظهر علم الكلام ومن هذه الفرق المعتزلة و الخوارج والجهمية وغيرهم، وقبل ذلك نشأت علوم خاصة بالمسلمين نتيجة الاختلاط بغيرهم كعلم أصول الفقه وتدوين الحديث والتفسير. ونشأ التصوف على طول الزمن عن الرعيل الأول من المسلمين اختلط بالفلسفة فحصل مايسمى التصوف الفلسفي. من المشكلات التي تعرَّض لها فلاسفة الإسلام بالجدال مشكلة إثبات وجود الله، وصفاته ووجود العالم أحادث هو أم قديم، كيفية الخلق، ومشكلة النفس الإنسانية، وهل هي موجودة وخالدة أم فانية؟ لقد تصدى الفلاسفة المسلمون لهذه المشكلات ودخل بعضهم في بطون فلاسفة اليونان ولم يستطيعوا أن يخرجوا منها، وظل فكر كثير منهم أسير التصورات اليونانية. ومن الذين تصدوا للدفاع عن الفلسفة والخوض في مسائلها الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد وابن طفيل ومنهم من درسها وفهمها ورد عليها لإغراقها في العقل والبعد عن جادة الحق(القرآن والسنة) كالغزالي. يرى بعض الفلاسفة أن الفلسفة الاسلامية هي مجموعة الأفكار التي ارتآها الكندي والفارابي وابن سينا ومن سار على نهجهم في موضوعات: الله ،العالم ،النفس الإنسانية . وهذا تعريف ضيق جداً .يقول رينان" إن الحركة الفلسفية الحقيقية في الاسلام ينبغي أن تلتمس في مذاهب المتكلمين". " وقد اشتد الميل إلى اعتبار التصوف أيضا من شُعب هذه الفلسفة، خصوصاً في العهد الأخير الذي عني به المستشرقون بدراسة التصوف". والشيخ مصطفى عبد الرازق يعتبر أصول الفقه من الفلسفة الاسلامية. هذا الكتاب هو خلاصة جهود علماء أفذاذ درسوا الفلسفة وتعمقوا في أبحاثهم، فعند تقصي الكتابات حول الفكر الفلسفي في الاسلام لاحظنا كتب عديدة ، وإنما يركز كل كتاب منها على باب من أبواب الفلسفة: إما في الكلام، أو التصوف، أو أفكار العلماء المسلمين في العهد العباسي ومابعده. وكان عَملُنا هنا قراء تلك الكتب ووضع تصور عام لمباحث الفلسفة الاسلامية، وظروف نشأتها، وطرح أهم أفكارها بشكل مبسط، حتى يستطيع القارء في هذا الكتاب أن يأخذ فكرة عامة ويرسم في ذهنه خارطة لما تشتمل عليه الفلسفة الاسلامية، وكيف نشأت وتطورت ، وأهم علمائها على فترات من التاريخ. وممكن أن يكون هذا كتاباً جامعياً أيضاً للطالب الذي يريد معرفة الفلسفة ، كونه مكتوب بطريقة منهجية تناسب طلبة الجامعات. ولقد رأينا أن يكون مقسماً لفصول أربعة تتفق مع تنوع مباحث الفلسفة الاسلامية ،التي تشتمل على أربع مباحث أساسية ، هي : 1- الفلسفة الخالصة ، وتتناول فلاسفة المسلمين كالفارابي والكندي وابن رشد وابن طفيل وخوضهم في كتب اليونان والرد عليهم أو التوفيق بين فكرهم وبين الشريعة. 2- التصوف. والتصوف له شقين التصوف الذي يمثله الغزالي ، والتصوف الذي يمثله الحلاج وابن عربي. والتصوف يعتمد على المنهج الحدسي . 3- تاريخ العلوم عند العرب؛ العلوم الاسلامية التي عُني المسلمون بوضع قواعدها كعلم أصول الفقه، وجمع وتصنيف السنة النبوية، وما ترتب لها من منهج خاص عمل عليه العلماء المسلمين من الجرح والتعديل وتصنيف الحديث... 4- علم الكلام .والظروف الاجتماعية والفكرية التي رافقت نشأته ، وأهم الفرق وبيان ما اختصت به من أفكار. كل من هذه الفروع يختلف عن غيره بخاصية مهمة ألا وهي المنهج. فالمنهج المتبع في الفلسفة الخالصة المنهج البرهاني العقلي. وفي التصوف المنهج الوجداني الذوقي الحدسي. والمنهج المتبع في علم الكلام المنهج الجدلي.arinfo:eu-repo/semantics/closedAccessالفلسفة الخالصة،التصوف، المعتزلة،الفلسفة الاسلامية،İslam'da felsefi düşüncede okumakBook1142